خطبة عيد الفطر المبارك ، للدكتور محمد حرز
خطبة عيد الفطر المبارك ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 1 شوال 1444هـ ، الموافق 21 أبريل 2023م.
لتحميل خطبة عيد الفطر المبارك 21 أبريل 2023م بصيغة word ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة عيد الفطر المبارك 21 أبريل 2023م بصيغة pdf ، للدكتور محمد حرز.
ولقراءة خطبة عيد الفطر المبارك 21 أبريل 2023م : كما يلي:
خطبةُ عيدِ الفطرِ المبارك للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 1 شوال 1444هـ، الموافق 21 أبريل 2023م.
الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ، وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلَّا بهِ… اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! لا إلهَ إلّا اللهُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ وللهِ الحمد! اللهُ أكبرُ كلمَا صامَ صائمٌ وأفطرَ، اللهُ أكبرُ كلمَا لاحَ صباحُ عيدٍ وأسفرَ، اللهُ أكبرُ كلمَا لمعَ برقٌ وأمطرَ، اللهُ أكبرُ عدَدَ ما ذكرَ اللهَ ذاكرٌ وكَبَّر، اللهُ أكبرُ عدَدَ ما حَمِدَ اللهَ حامدٌ وشَكَر، اللهُ أكبرُ ما سَطَعَ فَجْرُ الإسلامِ وأسْفَر، اللهُ أكبرُ ما أقبَلَ شَهْرُ الصيامِ وأدْبَر، اللهُ أكبرُ ما فرِحَ الصائمُ بتمامِ صيامِهِ واستبْشَر، اللهُ أكبرُ عدَدَ ما تابَ تائبٌ واستغْفَر، اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالحَمْدُ للهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا سبحانَ مَن أنشأَ الكونَ وسخرَهُ، سبحانَ مَن نظمَهُ ودبرَهُ، سبحانَ مَن أدارَهُ وسيرَهُ ،سبحانَ مَن ملأهُ وعمّرَهُ ، سبحانَ مَن قضَي علي كلِّ شيءٍ وقدرَهُ ،سبحانَ مَن أسالَ الماءَ وفجرَهُ ،سبحانَ مَن خلقَ الإنسانَ وصورَهُ، سبحانَ اللهِ وبحمدِهِ سبحانَ اللهِ العظيمِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صاحبُ الوجهِ الأنور، والجبينِ الأزهر، الطاهرُ المُطهَّر،
عَلى رأسِ هذا الكون نعلُ محمّدٍ ***عَلَت فجميعُ الخلقِ تحتَ ظلالهِ
لَدى الطورِ موسى نوديَ اِخلع وأحمدُ ***عَلى العرشِ لم يؤذنْ بخلعِ نعالهِ
فوقَ البساطِ دنَا ونودِيَ باسمهِ *** دس يا محمدٌ لا تخفْ إرعابا
أنت الحبيبُ ومَن يطعْكَ أطاعنِي *** يا أكرمَ الخلقِ جميعًا خطابا
تابع / خطبة عيد الفطر المبارك
أمَّا بعدُ ……………. فأُوصيكُم ونفسِي بتقوى العزيزِ الغفارِ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ، واجعلوا التَّقوَى شِعارَكُم في الليلِ والنهارِ، في السِّرِّ والعلانيةِ، في السَّفرِ والحَضرِ، في الشَّبابِ والمَشيبِ، في أنفسِكم وأهلِيكُم والناسِ أجمعينَ في الشدةِ والرخاءِ، في الضيقِ والفرجِ.
يا شاكيًا همَّ الحياةِ وضيقَهَا*** أبشرْ فربُّك قد أبانَ المنهجَ
مَن يتقِ الرحمنَ جلَّ جلالُهُ*** يجعلْ لهُ مِن كلِّ ضيقٍ مخرجَا
أيُّها السادةُ: إنَّكُم في يومٍ تبسَّمتْ لكم فيه الدنيا، أرضُهَا وسماؤهَا، شمسُهَا وضياؤهَا، صمتُم للهِ ثلاثينَ يومًا، وقمتُم للهِ ثلاثينَ ليلةً، ثم جئتُم إلى مصلاكُم تكبرونَ اللهَ ربَّكُم على ما هداكُم إليهِ مِن دينٍ قويمٍ وصراطٍ مستقيمٍ وصيامٍ وقيامِ وشريعةٍ ونظامٍ، وقد خرجتُم إلى صلاةِ العيدِ وقلوبكُم قد امتلأتْ بهِ فرحًا وسرورًا، تسألونَ اللهَ الرضا والقبولَ، وتحمدونَهُ على الإنعامِ بالتمامِ والتوفيقِ للصيامِ والقيامِ، فـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ)[الأعراف: 43]. فالحمدُ للهِ الذي بنعمتهِ تتمُّ الصالحات. أيُّها المقبولون:تهانينَا تهانينَا أيُّها المقبولون:هنيئًا لكم الصيامَ والقيامَ والقرآنَ.أيُّها المطرودون : تعازينَا تعازينَا أيُّها المطرودون : جبرَ اللهُ مصيبتَكُم، انتهَى رمضانُ وواللهِ ثمَّ واللهِ إنَّ قلوبَ الصالحينَ إلى هذا الشهرِ تحنُّ، ومِن ألمِ فُراقهِ تئنُّ، انتهَى رمضانُ و في قلوبِ الصالحينَ لوعةٌ، وفي نفوسِ الأبرارِ حرقةٌ، وكيف لا ؟ وأبوابُ الجنانِ ستغلقُ، وأبوابُ النيرانِ ستفتحُ، و مردةُ الجنِّ ستنطلقُ مِن جديدٍ ..وداعًا يا شهرَ رمضانَ ..وداعًا يا شهرَ القرآنِ.. وداعًا يا شهرَ القيامِ.. وداعًا يا شهرَ الإحسانِ وداعًا يا شهرَ الجودِ والإكرامِ .. وداعًا يا شهرَ العتقِ مِن النيرانِ!!! انتهى شهرُ رمضانَ فكمْ مِن صحائفَ بُيضتْ ، وكم مِن رقابٍ عُتقتْ ، وكم حسناتِ كتبتْ !!أيا عبدَ اللهِ يا مَن عدتَ إلى ذنوبِكَ و معاصيكَ و غفلتِكَ : تمهلْ قليلًا ، تفكرْ قليلًا: كيف تعودُ إلى السيئاتِ ، و ربَّمَا طهرَكَ اللهُ منها . كيف تعودُ إلى المعاصي؟ وربَّمَا محاهَا اللهُ مِن صحيفتِكَ، يا عبدَ اللهِ أيعتقُكَ اللهُ مِن النارِ فتعودَ إليهَا ؟ أيبيضُ اللهُ صحيفتَكَ مِن الأوزارِ وأنت تسودُهَا مرةً أُخرى ؟ يا عبدَ اللهِ : آهٍ لو تدرِي أيَّ مصيبةٍ وقعتَ فيها . آهٍ لو تدرِي أيَّ بلاءٍ نزلَ بك ، لقد استبدلتَ بالقربِ بُعدًا، و بالحبِّ بغضًا . أيَا رمضانُ: إنَّ العينَ لتدمعُ وإنَّ القلبَ ليحزنُ وإنَّا على فراقِكَ يا رمضانُ لمحزونونَ ولا نقولُ إلّا ما يُرضِي ربّنَا .فاللهَ اللهَ في رمضانَ ونفحاتِهِ، اللهَ اللهَ في رمضانَ ورحماتِهِ، اللهَ اللهَ في رمضانَ ومغفرةِ الذنوبِ، اللهَ اللهَ في العتقِ مِن النيرانِ.
فيا عينِي جودِي بالدمعِ مِن أسفٍ ***على فراقِ ليالٍ ذاتِ أنوارِ على ليالٍ لشهرِ الصومِ ما جُعلت*** إلّا لتمحيصِ آثامٍ وأوزارِ ما كان أحسننَا والشملُ مجتمعٌ*** منَّا المُصلّى ومنّا القانتُ القارئ
اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالحَمْدُ للهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا هذا
تابع / خطبة عيد الفطر المبارك
أيُّها السادةُ: اليومُ يومُ التغافرِ يومُ التراحمِ يومُ التسامحِ يومُ العفوِ يومُ التنازلٍ يومُ الحلمِ فليحلمْ بعضُنِا على بعضٍ وليسامحْ بعضُنَا بعضًا وليغفرْ بعضُنَا لبعضٍ ،ويكفِى الحلمُ عزةً ورفعةً وعلوَّ شأنٍ أنَّه مِن أسماءِ اللهِ وصفةٌ مِن صفاتهِ، فهو سبحانَهُ وتعالى (الحليمُ)، يرى معصيةَ عبادهِ ومخالفتَهُم لأمرهِ ثُم يمهلُهُم ولا يسارع في عقوبتهِم مع اقتدارهِ واستحقاقهِم لهَا، قال جلّ وعلا {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [النحل:61]. وقد وصفَ نفسَهُ بالحلمِ في القرآنِ الكريمِ مرارًا وتكرارًا، قالَ جلَّ وعلا {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة:235]، وقالَ جلَّ وعلا {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران:155]، وأوصَى سبحانَهُ بالحلمِ والرفقِ والتغافرِ والتسامحِ والعفوِ قالِ جلّ وعلا {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ . وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت:24-25] وهذا هو صفوةُ الخلقِ وحبيبُ الحقِّ ﷺ كان أكثرَ الخلقِ حلمًا، فيصبرُ ويصفحُ ويسامحُ ويتجاوزُ وينسَى الاساءاتِ ، حتى كسبَ بهذا الخُلقِ الخَلقَ بأبي هو وأمي ﷺ: قال زيدُ بنُ سَعنةَ ما مِن علاماتِ النبوةِ شيءٌ إلّا وقد عرفتُها في وجهِ مُحمدٍ حينَ نظرتُ إليهِ إلّا اثنتَينِ لم أُخبَرْهُمَا منهُ يَسْبِقُ حلمُه جهلَه ولا يزيدُه شدةُ الجهلِ عليه إلا حلمًا فكنتُ ألطفُ له إلى أنْ أخالطَهُ فأعرفَ حلمَهُ مِنْ جهلِهِ قال زيدُ بنُ سُعنةَ فخرجَ رسولُ اللهِ ﷺ يومًا مِنَ الحُجُراتِ ومعه عليٌّ بنُ أبي طالبٍ فأتاهُ رجلٌ على راحلتِهِ كالبدويِّ فقال يا رسولَ اللهِ إنَّ بقربي قريةَ بني فلانٍ قد أسلمُوا أو دخلُوا في الإسلامِ وكنتُ حدَّثتُهم إنْ أسلمُوا أتاهُم الرزقُ رغدًا وقد أصابتْهم سَنةٌ وشدَّةٌ وقحوطٌ مِنَ الغيثِ فأنا أخشى يا رسولَ اللهِ أن يخرجوا مِنَ الإسلامِ طمعًا كما دخلُوا فيه طمعًا فإن رأيتَ أن ترسلَ إليهم بشيءٍ تعينُهم به فعلتَ فنظرَ إلى رجلٍ إلى جانِبِه أراهُ عليًّا فقال يا رسولَ اللهِ ما بقِيَ منه شيءٌ قال زيدُ بنُ سَعنةَ فدنوتُ إليه فقلتُ يا مُحمدٌ هل لك أنْ تبيعَنِي تمرًا معلومًا في حائطِ بني فلانٍ إلى أجلِ كذا وكذا فقال لا يا يهوديُّ ولكن أبيعُك تمرًا معلومًا إلى أجلِ كذا وكذا ولا تسمِّي حائطَ بني فلانٍ قلتُ نعم فبايعنِي فأعطيتُه ثمانين مثقالًا مِن ذهبٍ في تمرٍ معلومٍ إلى أجلِ كذا وكذا فأعطاه الرجلَ وقال اعدِلْ عليهم وأعِنهُم بها قال زيدُ بنُ سَعنةَ فلما كان قبلَ محلِّ الأجلِ بيومين أو ثلاثةٍ خرج رسولُ اللهِ ﷺ ومعه أبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ في نفرٍ مِنْ أصحابِه فلَمّا صلَّى على الجنازةِ وَدَنا مِنْ جِدَارٍ ليجلِسَ أتيتُه فأخذتُ بمجامعِ قميصِهِ ورداءِهِ ونظرتُ إليه بوجهٍ غليظٍ فقلتُ لهُ ألَا تقضيني يا محمدُ حقِّي فو اللهِ ما علمتُكم بني عبدِ المطلبِ لمُطلٌ ولقد كان لي بمخالطتِكم علمٌ ونظرتُ إلى عمرَ وإذا عيناه تدورانِ في وجهِهِ كالفَلَكِ المستديرِ ثم رماني ببصرِه فقال يا عدوَّ اللهِ أتقولُ لرسولِ اللهِ ما أسمعُ وتصنعُ به ما أرى فو الذي بعثَهُ بالحقِّ لولا ما أحاذرُ فوتَه لضربتُ بسيفي رأسَكَ ورسولُ اللهِ ﷺ ينظرُ إلى عمرَ في سكونٍ وتُؤَدَةٍ وتبسُّمٍ ثم قال يا عمرُ أنا وهو كنا أحوجُ إلى غيرِ هذا أن تأمرَني بحسنِ الأداءِ وتأمرَه بِحُسْنِ الطلب اذهبْ به يا عمرُ فأعطِه حقَّه وزِدهُ عشرين صاعًا من تمرٍ مكان ما رُعتَه قال زيدٌ فذهبَ بي عمرُ فأعطاني حقِّي وزادني عشرين صاعًا من تمرٍ فقلتُ ما هذه الزيادةُ يا عمرُ قال أمرني رسولُ اللهِ ﷺ أنْ أزيدَك مكانَ ما رعتُكَ قال وتعرفُني يا عمرُ قال لا فما دعاكَ أنْ فعلتَ برسولِ اللهِ ما فعلتَ وقلتَ له ما قلتَ، قلتُ يا عمرُ لم يكن مِن علاماتِ النبوةِ شيءٌ إلّا وقد عرفتُه في وجهِ رسولِ اللهِ ﷺ حين نظرتُ إليه إلا اثنتَين لم أُخبَرْهما منه يسبِقُ حلمُه جهلَه ولا يزيدُهُ شدَّةُ الجهلِ عليه إلا حلمًا فقد اختبرتُهما فأُشهدُكَ يا عمرُ أني قد رضيتُ بالله ربًّا وبالإسلامِ دينًا وبمحمدٍ نبيًّا وأشهدُكَ أنَّ شطرَ مالي فإنِّي أكثُرها مالًا صدقةٌ على أمةِ محمدٍ قال عمرُ أو على بعضِهم فإنكَ لا تسعُهم قلتُ أو على بعضِهم فرجع عمرُ وزيدٌ إلى رسولِ اللهِ ﷺ فقال زيدٌ أشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ) وتصدقَ بشطرِ مالهِ للفقراءِ والمساكين، وجاهدَ مع النبيِّ ﷺ، وشهدَ معه معظمَ الغزواتِ، وقُتلَ شهيدًا مقبلًا غيرَ مدبرٍ في غزوةِ تبوك). اللهُ أكبرُ …إنّه الحلمُ يا سادةٌ إنَّه التغافرُ أيُّها الأخيارُ وهذا أعرابيٌّ يأتي يومًا والنبيُّ ﷺ وسطَ أصحابهِ وفيهم عمرُ وما أدراكَ ما عمر، وأمسكَ الأعرابيُّ النبيَّ ﷺ وجبذَ النَّبيَّ ﷺ بردائهِ جَبْذَةً شديدةً كما في المسندِ كما في حديثِ أنسٍ فقال حَتَّى رَأَيْتُ صَفْحَ أَوْ صَفْحَةَ عُنُقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَعْطِنِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ فإنك لا تعطِي مِن مالِكَ ولا مالِ أبيك، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ، وفي رواية أبي سعيد الخدري فقالَ عمرُ بنُ الخطَّابِ رضي اللهُ عنه: يا رسولَ اللهِ! ائذنْ لي فأضربَ عنقَهُ. وأعطاهُ النبيُّ ﷺ أغنامًا كثيرةً وقال له هل رضيتَ قال: لا.فأعطاهُ الثانيةَ وقال هل رضيتَ قال: لا.فأعطاهُ الثالثةَ وقال هل رضيتَ فقال الأعرابيُّ: أشهدُ أنَّ هذه أخلاقُ الأنبياءِ وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وأشهدُ أنّ مُحمدًا رسولُ اللهِ.وساقَ الأعرابيُّ أغنامًا كثيرةً بينَ جبلين، ورجعَ إلى قومهِ يقولُ لهم: جئتُكُم مِن عندِ خيرِ الناسِ، أسلمُوا؛ فإنَّ مُحمدًا يُعطِي عطاءَ مَن لا يخشَى الفقرَ أبدًا. وفي روايةِ البزار‘ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَثَلِي وَمَثَلُ هَذَا، مثل رَجُلٍ لَهُ نَاقَةٌ شَرَدَتْ عَلَيْهِ، فَاتَّبَعَهَا النَّاسُ فَلَمْ يَزِيدُوهَا إِلَّا نُفُورًا، فَنَادَاهُمْ صَاحِبُهَا: خَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ نَاقَتِي، فَإِنِّي أَرْفَقُ بِهَا مِنْكُمْ وَأَعْلَمُ، فَتَوَجَّهَ لَهَا بَيْنَ يَدَيْهَا فَأَخَذَ لَهَا مِنْ قُمَامِ الْأَرْضِ، فَرَدَّهَا حَتَّى جَاءَتْ وَاسْتَنَاخَتْ، وَشَدَّ عَلَيْهَا رَحْلَهَا، وَاسْتَوَى عَلَيْهَا، وَإِنِّي لَوْ تَرَكْتُكُمْ حَيْثُ قَالَ الرَّجُلُ مَا قَالَ، فَقَتَلْتُمُوهُ دَخَلَ النَّارَ). (رواه: البزار) وكيف لا ؟ واللهُ خاطبَهُ بقولهِ ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾؛ لما نزلتْ قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: “ما هذا يا جبريلُ؟” قال: إنّ اللهَ أمرَكَ أنْ تعفُو عمّن ظلمَك، وتُعطي مِن حرمَك، وتصلَ مَن قطعَك.”( تفسير ابن كثير).وكان حليمًا مع الذين أذوهُ وأخرجوهُ مِن أرضهِ ووطنهِ مكةَ الحبيبة مكةَ المكرمة زادَهَا اللهُ تكريمًا وتشريفًا الى يومِ الدينِ :فيقولُ لهم: “مَا تَرَوْنَ أَنِّى صَانِعٌ بِكُمْ؟”. قَالُوا: خَيْرًا أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ. قَالَ: ” اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ”.وكان حليما مع المرأة اليهودية التي أَتَتْ رسولَ اللهِ ﷺ بِشاةٍ مَسْمومَةٍ فأَكَلَ منها” وقد أعدَّتْها ووَضَعَتِ السُّمَّ في المَوضِعِ الذي يُحِبُّهُ رسولُ اللهِ ﷺ من لَحْمِ الشَّاةِ في الذِّراعِ، فأَكَلَ السُّمَّ؛ فدَفَعَ اللهُ عنه عاجِلَ شَرِّها، “فَجِيءَ بها إلى رسولِ اللهِ ﷺ فسَأَلَها عن ذلك؟ مما حملك على ما صنعتي ، فقالتْ: أَرَدْتُ لِأَقْتُلَكَ، أَرَدْت أعرف إن كنت نبيا ام لا ،فإنْ كُنتَ كاذبًا نستريحُ منك ، وإنْ كُنتَ نبيًّا لم يَضُرَّك”، فقال أصحابُ النَّبيِّ ﷺ: “أَلَا نَقْتُلُها. قال: لا”، اللهَ اللهَ في الحلمِ اللهَ اللهَ في نبيِّ الإسلامِ فهو أسوتُنَا وقدوتُنِا ومعلمُنَا ومرشدُنَا بنصٍّ مِن عندِ اللهِ ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾ الأحزاب:21. فإنَّك إنْ نظرتَ إلى رسولِ اللهِ ﷺ نبيًّا ورسولًا وجدتَهُ المقدمَ على الأنبياءِ والمرسلين ، فهو سيدُهُم وأفضلُهُم وخاتمُهُم. وإنْ نظرتَ إليهِ معلمًا وجدتَهُ أفضلَ المعلمين، وإذا نظرتَ إليهِ خطيبًا، وجدتَهُ المتحدثَ الذي يصلُ قولُهُ إلى كلِّ قلبٍ، وإنْ نظرتَ إليهِ زوجًا وجدتَهُ خيرَ الأزواجِ لأهلهِ، وإنْ نظرتَ إليهِ أبًا وجدتَهُ خيرَ الآباءِ، وأحسنهُم تعليمًا، وإنْ نظرتَ إليهِ مقاتلًا، وجدتَهُ المقاتلَ الشجاعِ ،وإنْ نظرتَ إليهِ كصاحبِ خُلقٍ وجدتَهُ متربعًا على عرشِ الأخلاقِ بأسرِهَا… فالأخلاقُ إذا ذكرتْ كان رسولُ اللهِ عنوانَهَا، والأخلاقُ إذا ذكرتْ كان رسولُ اللهِ أستاذَهَا، والأخلاقُ إذا ذكرتْ كان رسولُ اللهِ سيدَهَا ..اللهُ أكبرُ
تابع / خطبة عيد الفطر المبارك
مُحَمَّدٌ أَشْرَفُ الأعْرَابِ والعَجَمِ***مُحَمَّدٌ خَيْرٌ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمِ
مُحَمَّدٌ باسِطُ المَعْرُوفِ جَامِعُةُ***مُحَمَّدٌ صاحِبُ الإِحْسانِ والكَرَمِ
مُحَمَّدٌ تاجُ رُسْلٍ اللهِ قاطِبَةٌ***مُحَمَّدٌ صادِقُ الأٌقْوَالِ والكَلِمِ
مُحَمَّدٌ ثابِتُ المِيثاقِ حافِظُهُ***مُحَمَّدٌ طيِّبُ الأخْلاقِ والشِّيَمِ
مُحَمَّدٌ خَيْرُ خَلْقِ اللهِ مِنْ مُضَرٍ***مُحَمَّدٌ خَيْرُ رُسْلِ اللهِ كُلِّهِمِ
أيُّها السادةُ: أمَا آنَ للقلوبِ المتنافرةِ أنْ تتصافحَ؟!أمَا آنَ للقلوبِ المتنافرةِ أنْ تتغافرَ؟! أمَا آنَ للقلوبِ المتنافرةِ أنْ تتسامحَ؟! أمَا آنَ للقلوبِ المتنافرةِ أنْ تتلاحمَ؟! أمَا آنَ للقلوبِ المتنافرةِ أنْ تعفوا؟! واعلمُوا أنًّه مَن يعفُ يُعْفَ عنهُ، ومَن يصفحْ يُصْفَحْ عنه، قال اللهُ: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ) [النور:22]فهل -يا ترى- ينجحُ العيدُ في أنْ يعيدَ البسمةِ لشفاهٍ قد طالَ شقاقُهَا؟! إنَّ القلوبَ المتكبرةَ العنيدةَ المصرةَ على الشقاقِ والعنادِ والمكابرةَ، هذه القلوبُ -إن، لم يفلحْ العيدُ في تغييرِهَا- فوعيدُ اللهِ غيرُ بعيدٍ، (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) [محمد:22-23].
اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالحَمْدُ للهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا
أيُّها السادةُ: العيدُ فرصةٌ للطاعاتِ ليسَ فرصةً للمنكراتِ، العيدُ فرصةٌ لتحسينِ العلاقاتِ وتسويةِ النزاعاتِ وجمعِ الشملِ وقطعِ العداواتِ بينَ الناسِ قالَ ربُّنَا ( وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) وصدقَ النبيُّ ﷺ إذ يقولُ كما في صحيحِ مسلمٍ مِن حديثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:(مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)، فليكنْ لسانُ حالِنَا مع مَن ظلمنَا وأساءَ إلينَا( لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } يوسف(92)، نقولُهَا للأصحابِ …نقولُهَا للجيرانِ ، نقولُهَا للأرحامِ، نقولُهَا للأقاربِ … نقولُهَا للأحبابِ في كلِّ مكانٍ (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }سورة يوسف (92)، فليس العيدُ لِمَن لبسَ الجديدَ وإنَّمَا العيدُ لِمَن طاعتُهُ تزيدُ، ليس العيدُ لِمَن لبسَ الجديدَ إنَّمَا العيدُ لِمَن خافَ يومَ الوعيدِ ،ليس العيدُ لِمَن تجمَّلَ باللباسِ والركوبِ إنَّما العيدُ لِمَن غُفرتْ له الذنوب ، رأي عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ ابنَهُ في يومِ عيدٍ، وعليهِ ثوبٌ خلق -أي قديمٌ بال- مرقعٌ فدمعتْ عيناهُ، فرآهُ ولدهُ فقال له: ما يبكيكَ يا أميرَ المؤمنين؟ قال: يا بُني أخشى أنْ ينكسرَ قلبُكَ إذا رآكَ الصبيانُ بهذا الثوبِ المرقعِ. فقالَ لهُ ابنهُ: يا أميرَ المؤمنين إنّما ينكسرُ قلبُ مَن أعدمَهُ اللهُ رضاه، أو عقَّ أمَّهُ وأباهُ، وإنِّي لأرجُو أنْ يكونَ اللهُ تعالى راضيًا عنِّي برضاك))اللهُ أكبرُ ،العيدُ الحقيقيُّ أنْ نحافظَ على دولتِنَا وعلى أمنِهِا واستقرارِهَا وعدمِ السماعِ للدعواتِ المغرضةِ التي أخرتنَا والتي تريدُ النيلَ مِن أمنِهَا واستقرارِهَا، فمصرُ أمانةٌ في أعناقِ الجميعِ، فمصرُ هي أمُّ البلادِ، وهي موطنُ المجاهدين والعُبادِ، قهرتْ قاهرتُهَا الأممَ، ووصلتْ بركاتُهَا إلى العربِ والعجمِ , سكنَهَا الأنبياءُ والصحابةُ والعلماءُ
تابع / خطبة عيد الفطر المبارك
مصرُ الكنانةُ ما هانتْ على أحدٍ *** اللهُ يحرسُها عطفًا ويرعَاها
ندعوكَ يارب أن تحمى مرابعَها *** فالشمسُ عينٌ لها والليلُ نجواهَا
مَن شاهَدَ الأرْضَ وأَقْطَارَها *** والنَّاسَ أنـواعًا وأجناسًا
ولا رأى مِصْـرَ ولا أهلها *** فما رأى الدنيا ولا الناسَ
حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا من كيدِ الكائدين، وشرِّ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين
وكلُّ عامٍ وأنتم بخيرٍ بل أنتم الخيرُ لكلِّ عامٍ وتقبلَ اللهُ منَّا ومنكم صالحَ الأعمالِ.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه د/ محمد حرز إمام بوزارة الأوقاف
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف